وادي النطرون

وادي النطرون (بالقبطية: Ϣⲓϩⲏⲧ، وباليونانية: Σκετις أو Σκετες)، مدينة مصرية تتبع محافظة البحيرة. تقع على الأطراف الشمالية الشرقية للصحراء الغربية المصرية، وذلك في منتصف الطريق الصحراوي الرابط بين القاهرة والإسكندرية تقريباً؛ ومواجهة لمدينة السادات. كان لوادي النطرون مكانة كبيرة في العصر الفرعوني لاستخراج ملح النطرون منها المستخدم في تحنيط الموتى، كذلك اكتسبت صفة التقديس في المسيحية لمرور العائلة المقدسة بها. وقد عرفت المنطقة بعدة أسماء أشهرها: حقل الملح وشيهيت والإسقيط وبئر هوكر.

كان أول تجمع رهباني مسيحي على أرض وادي النطرون يعود للقرن الرابع الميلادي على يد مقار الكبير الذي أنشأ دير الأنبا مقار، وهو دير عامر حتى الآن بجانب ثلاثة أديرة أخرى، وهي: دير الأنبا بيشوي ودير البراموس ودير السريان. وكانت المنطقة تحوي حوالي 700 دير في النصف الثاني من القرن الرابع الميلادي. لذلك تُعد المنطقة من أهم المناطق المكرّمة بالنسبة لأتباع الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.

 ذهب سنوسرت الأول على رأس بعثة حربية لتأديب الليبيين القدماء نتيجة لمحاولة غزوهم وادي النطرون.

ترجع أهمية وادي النطرون إلى العصر الفرعوني، فالصحراء الغربية المصرية قديماً كانت في العصور الخالية جزءاً من لوبية، والتي كانت في تلك الآونة قطراً قائماً بذاته ذا كيان سياسي خاص، وكان اللوبيون يغيرون على مصر حينًا بعد آخر، وانتهى الأمر بتغلب المصريين عليهم وضموا الجانب الشرقي للصحراء اللوبية التي ما زالت تابعة لمصر حتى الآن.[1] ومن ثم أصبح وادي النطرون كورة قائمة بذاتها وقسماً إدارياً من أقسام البلاد في العصر الفرعوني، ولكن لا توجد معلومات عن تاريخه في عهدهم، وتدلل آخر الكتابات عن الحروب بين اللوبيين والمصريين أن آخرها كان عام 1170 ق.م في عهد رمسيس الثالث.[2]

أما من حيث الأهمية الدينية لمنطقة وادي النطرون، فهناك العديد من الاكتشافات التي تدل على أن هذه المنطقة كانت تعتبر مقدسة حتى عام 2000 ق.م على أقل تقدير. ومن هذه الاكتشافات تمثال نصفي من الجرانيت الأسود يرجع إلى عصر الأسرة السابعة عشر الفرعونية، وهناك أيضاً بوابة من الجرانيت وأحجار من عتب باب تحمل خراطيش للملك أمنمحات الأول، في مكان يسمى كورة الظهر.[3]

ومن الناحية الدفاعية والإستراتيجية، يعتبر وادي النطرون أقرب واحة لوادي النيل، لذا كان الغزاة القادمون من الصحراء الشمالية الغربية ولا يتبعون الساحل يجدون فيها ما يساعدهم للتقدم نحو الداخل. ومن هنا يعتبر وادي النطرون من الناحية الدفاعية موقع استراتيجي هام لكبح الغزاة المهاجمين لمنطقة غرب دلتا النيل.[4]

وفي عهد الملك نعرمر - مِنا -موحد القطرين وأول ملوك الأسرة الأولى- تم صد هجوم الشعب الليبي الذي غزا غرب الدلتا،[5] حيث اضطر الملك لعقاب الغزاة وأسر حوالي 100 ألف أسير، وعدد كبير من رعاياهم. وعلى جدران معبد ساحو رع -الذي بُني في عهد الأسرة الخامسة- توجد مناظر تصور حملة ناجحة ضد الليبيين الذين هددوا غرب الدلتا. كذلك قصة سنوحي تذكر بعثة أرسلها الملك أمنمحات الأول -مؤسس الأسرة الثانية عشر- تحت قيادة ولي عهده سنوسرت الأول؛ لعقاب وتأديب الليبيين على الحدود الغربية، كنتيجة للغارة التي شنوها على غرب الدلتا التي لم يغفلها المصريون القدماء على مسار تلك السنين. وقد أنشئ هناك حصن في عهده ظلّ يستخدم حتى الحكم الروماني، وما زالت بقايا هذا الحصن موجودة إلى الآن.[6]

 مغارة الأنبا مقار الكبير التي يُعتقد أنه كان يتعبد فيها.

وفي عهد الملك أمَنِحُتِب الأول، تم صدّ هجوماً ليبياً آخر على الحدود الغربية.[7] ولقد ولقد ذكرت حروب كل من مرنبتاح ورمسيس الثالث بعض التفصيل، وبيَّنَت النصوص بوضوح أن قبائل البدو الرُّحل الليبيين كانوا يجتاحون غرب الدلتا، وكانت المعارك تدور على مقربة من الأراضي الزراعية، والمقصود بها هي وادي النطرون.[8]

وقد نالت وادي النطرون أهمية خاصة بعد ميلاد المسيح، فقد مرت به العائلة المقدسة أثناء رحلتها إلى مصر هرباً من بطش الملك هيرودس حاكم اليهودية.[9] فبعد أن زارت العائلة تل بسطة ومنية سمنود، عبرت النهر إلى الضفة الغربية لنهر النيل - فرع رشيد، ورأوا من بعيد وادي النطرون الذي باركته العذراء مريم حسب المصادر المسيحية،[10][11] ومنها ارتحلوا جهة جنوب الشرق نحو القاهرة ثم إلى الصعيد حتى أسيوط.[12] وفي العصور المسيحية الأولى؛ سكن النُسّاك والرهبان المسيحيين وادي النطرون أو صحراء الأسقيط كما كان يُطلق عليه وقتها،[13] إذ كان يُعد من أهم المواقع المسيحية في مصر خلال القرنين الرابع والخامس الميلاديين.[14]

ولقد اكتسبت هذه المنطقة شهرتها من سيرة الرهبان الذين استوطنوها واتخذوها مقراً لنسكهم وعبادتهم،[15] حيث بدأ الحياة الرهبانية بالمنخفض القديس الأنبا مقار عام 330 م،[16] وسريعاً امتلأت الصحراء بالأديرة، وكانت حوالي 700 دير.[17] ثم بقى منها في القرن الخامس عشر الميلادي سبعة أديرة حسب كلام المقريزي.[18] وما زال هناك أربعة أديرة عامرة بالرهبان حتى الآن.[19]

امتدت المنطقة عمرانياً ابتداءً من منتصف القرن العشرين على النشاطات الزارعية والصناعية وتوسعت وادى النطرون بصورة كبيرة. وقد صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 351 لسنة 1963 بإنشاء مدينة وادى النطرون رسمياً كوحدة محلية تابعة لمحافظة مطروح، حتى نُقل تبعيتها لمحافظة البحيرة عام 1966 بقرار جمهوري رقم 2068 من الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر.[20]

^ نيفين عبد الجواد، أديرة وادي النطرون، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 2007، صـ: 27. ^ عمر طوسون، مرجع سابق، صـ: 11 - 12. ^ Meinardus, (Otto F.A), Monks and Moasteries of Egyptian Desert, Cairo, 1992, p. 48. ^ Fakhry, A. op. cit., p. 207. ^ "مينــــــــــــــــــــــــــــــــا ". ديوان العرب. نسخة محفوظة 04 مارس 2016 على موقع واي باك مشين. ^ مصطفى عبد الله بعيو، المجمل في تاريخ لوبيا من أقدم العصور إلى العصر الحاضر، دار المعارف، الإسكندرية، 1947، صـ: 16. ^ "أمنمحـــــــــات الأول ". ديوان العرب. نسخة محفوظة 05 مارس 2016 على موقع واي باك مشين. ^ اكتب عنوان المرجع بين علامتي الفتح <ref> والإغلاق </ref> للمرجع abc1 ^ إبراهيم صبري معوض ومكاري أرمانيوس سرور، رحلة العائلة المقدسة إلى مصر، ـــــــــ، القاهرة، الطبعة الأولى 2000، صـ: 55. ^ مجيء العائلة المقدسة إلى مصر (24 بشنس). الموقع الرسمي لكنيسة الأنبا تكلا هيمانوت القبطية الأرثوذكسية. نسخة محفوظة 07 سبتمبر 2017 على موقع واي باك مشين. ^ تذكار دخول العائلة المقدسة أرض مصر. مصرس، بتاريخ 30 مايو 2010. نسخة محفوظة 30 أغسطس 2017 على موقع واي باك مشين. ^ رحلة العائلة المقدسة. الهيئة العامة للاستعلامات. نسخة محفوظة 17 ديسمبر 2019 على موقع واي باك مشين. ^ القديس أنبا مقار الكبير. الموقع الرسمي لدير القديس أنبا مقار الكبير. نسخة محفوظة 25 يونيو 2017 على موقع واي باك مشين. ^ الهيئة الإقليمية لتنشيط السياحة بمحافظة البحيرة، البحيرة، الشركة المتحدة للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، بدون تاريخ، صـ: 23. ^ عمر طوسون، مرجع سابق، صـ: 13. ^ Wadi Natrun, by Jimmy Dunn. Tour Egypt. نسخة محفوظة 28 يوليو 2017 على موقع واي باك مشين. ^ Bonnet, M.E and Husson, E., Egypte, Paris, 1982, p. 188. ^ تقي الدين أبو العباس أحمد بن علي المقريزي، المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار (الخطط المقريزية) ج:2، مكتبة الثقافة الدينية، بيروت، بدون تاريخ، صـ: 508 - 509. ^ أديرة وادي النطرون.. وهروب من ضجيج وقسوة الحياة. جريدة الأقباط متحدون، بتاريخ 20 نوفمبر 2010. نسخة محفوظة 15 ديسمبر 2010 على موقع واي باك مشين. ^ المخطط الإستراتيجي العام لمدينة وادي النطرون - المنظور التنموي (2011)، صـ: 2. برنامج الموئل، برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، بتاريخ 19 يونيو 2012. تاريخ الوصول: 23 يناير 2015.[وصلة مكسورة] نسخة محفوظة 23 يناير 2015 على موقع واي باك مشين.
ﺭﻮﺼﻟﺍ:
Lumen roma - CC BY 3.0
Statistics: Position
1905
Statistics: Rank
65344

إضافة تعليق جديد

Esta pregunta es para comprobar si usted es un visitante humano y prevenir envíos de spam automatizado.

الأمن والحماية
692485713 ﺩﻮﻛ : :ﻞﺴﻠﺴﺘﻟﺍ ﺍﺬﻫ ﻰﻠﻋ ﻂﻐﺿﺍ / ﺮﻘﻧﺍ

Google street view

ﺏﺮﻘﻟﺎﺑ ﻡﻮﻨﻟﺍ ﻚﻨﻜﻤﻳ ﻦﻳﺃ وادي النطرون ?

Booking.com
489.369 ﺕﺍﺭﺎﻳﺰﻟﺍ ﻲﻟﺎﻤﺟﺇ, 9.196 ﻡﺎﻤﺘﻫﻻﺍ ﺕﻻﺎﺠﻣ, 404 ﻦﻛﺎﻣﻷﺍ, 7 ﻡﻮﻴﻟﺍ ﺭﻭﺰﻳ.